[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]التقطته عيناها منذ خطا بأولى خطواته داخل المقهى.. سطرت بعيناها قامته الطويلة.. لفح روحها وهج سمرته.. إستيقظت النسمات من سُباتها لتحمل إليها رائحته المميزة التي
إمتزج فيها عطره الرجولي برائحة دُخان سجائره . لم يبحث طويلاً عن مكان يجلس إليه.. اتخذ من اول منضدة صادفته ملاذاً يحتوي صمته المغلي بحممه!..
تفصلها عنه منضده واحدة.. إلا إنها لازالت قادرة على التقاط تفاصيله الصغيرة.. الكثيرة بعدسة مقلتيها الدقيقة. طفقت تتأمل تلك الشعيرات البيضاء التي إمتزجت بخصل شعره
الفاحم. ما لفتها حاجبيه الكثيفين، بقدر ما شدها ذلك الإنكسار المرتسم بفرشاة الآلم داخل بؤبؤ عينيه البنيتين!. نضحت صفحة وجهه بمزيج عجيب من الخطوط المتقاطعة..
الإنهاك.. الحزن.. السأم.. القلق.. التعب.. الحيرة و.. والرغبة!. خطوط مُغرية.. مُغوية كبدايات كُل القصص.. تشتهي معها العدو سريعاً لتلم بكل التفاصيل التي تجهلها حتى تصل
إلى لحظة الشبق، التي تُخمد فيك لهيب المُتعة وتغتال فيك حتماً حس المُغامرة!.
- لم يحلق لحيته منذ يومين!. همست لنفسها وهي تتأمل مسامات وجهه الأسمر الخشن وقد إزدهر بمنبت رؤوس الشعيرات السوداء الكثيفة.
تأسرها كُل تلك التفاصيل.. وتفاصيل التفاصيل.. إنها تشتهي أن تغفو بداخل كُل مسامه من مسامات وجه هذا الأسمر المُشتعل بصمته!
رفع عينيه على غفلة منها وهي منهمكة في التقاط كُل تلك الصور له، لتلتقي عيناه بعينيها في ومضة سريعة، لكنها كانت فاصلة.. قاطعة.. حادة كنصل سكين!. نظرة أُختزلت فيها
كُل الصور.. وكل القصص.. وكل الحروف!
نكست أهدابها. ولكن بعد فوات الآوان!. بعد أندلاع الشرارة الأولى!..
سارت الثواني ببطيء على سكة الإنتظار..
هو ينتظر..
وهي تنتظر..
ما عاد يستطيع التحمل أكثر حتى يصل قطار إنتظاره إلى محطته بحسب الوقت المُحدد..
قرر القفز من القطار ليقتل تلك الثواني البطيئة، وليكتب بحروف قلمه بداية القصة. نظر إليها ملياً قبل أن يقوم من مقعده متوجهاً إليها..
- مساء الخير..
- مساء النور..
- هل أستطيع أن...
قاطعته وهي ترفع كفها في دائرة بصره لتحتمي من سهام نظراته النافذة نحو قلبها..
- لا، لا يمكن!!. أياً كانت البداية، فأنا مدركة تماماً كيف ستكون النهاية!!.
حملت حقيبتها وقلبها معها قبل أن تتركه واجماً.. وقد إرتسم خط جديد من الخيبة على صفحة وجهه الأسمر وهو يتأملها تهرب بخطواتها بعيداً.. بعيداً.. لتخرج من المقهى!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]